ابن العميا الحتيكي.. شاعر مارب الذي تنبأ قبل ثورة سبتمبر بتدخل الطائرات المصرية في اليمن

في زمن ما قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، ضاق الناس في مأرب ذرعا من استبداد الأئمة، والظلم الذي يتعرضون له من جنود الإمام، التي كانت تتخذ من مدينة مارب القديم مقرا لها.

ومن التصرفات التي كانت تغضب أبناء قبائل مأرب الجبايات، فقد كان جنود الإمام بتوصية منه يعشرون أموال الناس وزراعاتهم، أي يأخذون العشر منها بدون وجه حق.

وكان الشيخ “حمد بن حسن بن العميا الحتيكي”، يسكن قرية “الجثوة”، منازل ال جرادان من قبيلة “آل حتيك عبيدة”، وقد تعرض “ابن العميا” لشيء من الظلم والجور من والي الإمام في مارب، وأرخ لهذا الحدث في قصيدة شهيرة له تداولها الناس منذ عشرات السنين.

ويعود تاريخ القصيدة المشهورة إلى نهاية الخمسينيات من العام الماضي، قبل قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة.

وأخبر الشاعر الشيخ في قصيدته سبب غضبه من دولة الإمام، حيث يقول في أبيات القصيدة إنه ذهب إلى مدينة مأرب القديم، مقر حكم الإمام أحمد يحيى حميد الدين، وأنه تم مطالبته بدفع الواجبات، وهي الزكاة التي يفرضها الإمام وجنوده، بزيادة كبيرة عن ما شرعه الله، حيث تحولت إلى جباية ونهب لحقوق وأموال الناس.

ودعى الشاعر في قصيدته بأن يهد الله أركان دولة الإمام، جراء الظلم والجور الذي تعرض له الناس في عهدها.

يقول الشاعر:

ﺳﺮﺣﺘﻨﺎ ﻟﻲ ﺳﻮق ﻣﺎرب ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻟﻮاﺟﺒﺎت        ﺳﻮق اﻟﺪول  اﻟﻠﻪ ﻳﻬﺪ  اﺭﻛﺎﻧﻬﺎ
أﻗﻼ‌ﻣﻬﻢ ﻓﻴﻨﺎ دواﻳﺎ ﻳﺮﻗﻤﻮن اﻟﻤﺤﺒﻄﺎت             ﻣﺎ ﻳﺮﻓﻌوها ﻗﺎﻟﺒﻴﻦ اﻣﺎﻧﻬﺎ

ويقول “ابن العميا” في الأبيات أعلاه، إنه ذهب إلى سوق مأرب القديم، مقر حكم الإمام، ووجد عمال الإمام يرقمون (يكتبون) ما يحبط النفس، من جبايات وأوامر ظالمة تجاه المواطنين في مأرب.

ثم جاءت فلسفة الشاعر والشيخ ابن العميا الحتيكي، وتنبأ بالكثير من الأحداث التي تحققت فعلا في سنوات ما بعد الثورة وما بعد القصيدة.

يقول الشاعر:

ﻳﺎﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎرب  ﻗﻨﺎﺑﻞ ﻣﻦ ﺑﻄﻮن ﻣﻨﺤﺴﺎت ,,,   ﺗﺼﺒﺢ ﺗﻼ‌وح  ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎ  ﺟﻨﺤﺎﻧﻬﺎ
ﻭاﺑﺎ ﻓﻼ‌ ﻫﺪوه  راﺣﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎ ﻣﺘﺠﺎرﻳﺎت ,,,                 وﻛﻞ دﻳﺮة  دولوها اﻫﻼ‌ﻧﻬﺎ
وﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺷﺪوﻫﻦ وجنك ﺑﺎﻟﺴﺒﺎر ﻣﺤﻤﻼ‌ت  ,,, وراﺣﻦ ﻟﺪﻳﺮة ﻣﺒﻌﺪﺍت اوﻃﺎﻧﻬﺎ


وواصل “ابن العميا” دعاءه في قصيدته بأن تنزل على مدينة مارب قنابل تحملها الطائرات، وتنبأ أن هذه الطائرات التي سترمي مأرب بالقنابل ستكون من دولة مصر العربية، وهو ماحدث بالفعل.

ويتمنى الشاعر في الأبيات أعلاه، أن تأتي الطائرات المنحسات (مطلية بالنحاس)، وأن تصبح في مارب يرى الناس جنحانها عندما تتحرك في الهواء.

ويقول الشاعر بأنه يريد من الطائرات أن تهد مارب، وبعد أن تهده تذهب في السماء بجوار بعضهن، وأن يحكم الأرض أهلها بعد ذلك.

ويقول أيضا، أن هذه الطائرات تم تحميلها بالسبار (أي الذخيرة)، من مصر، وذهبن إلى بلد بعيد وهو اليمن لتنفيذ أهدافها.

ثم يحكي الشاعر “ابن العميا” في القصيدة المشهورة، فصولا من تاريخ الظلم الذي تعرض له أبناء مأرب خاصة وأبناء اليمن عموما من ظلم وجور في ظل حكم الإمام، ومن ذلك رحيل عدد من المشايخ على رأسهم الشيخ المرحوم “علي بن حسن بن معيلي”، وغيره الكثير.

وسبب رحيلهم من الوادي إلى أطراف المحافظة أنهم لم يكونوا راضين عن الظلم وعن حكم الإمام، ولم يكونوا من الناس الذين يستطيعون العيش إلى جوار الحائط والتعايش مع الظلم والجوار، وبالتالي كان لزاما عليهم إما البقاء وقتال الإمام وعساكره، وهو مالم يكونوا مستعدين له، أو الرحيل والابتعاد مؤقتا حتى تتغير الأحوال.

وتعتبر هذه القصيدة وثيقة تاريخية لرفض القبائل في مأرب للظلم، وخاصة ما كان يمارسه الأئمة وولاتهم الذين حكموا اليمن حتى قيام ثورة سبتمبر 1962م.

موقف القبيلة من الظلم والحكم بالقوة تم تعميده بالدم خلال المعارك التي اندلعت في البلاد منذ مطلع العام 2015، وأثبتت القبيلة المأربية أنها كتلة صلبة وعصية على الانكسار والخنوع للظلم والحكم بالحديد والنار.

وقدمت القبيلة في مأرب نموذجاً مشرفاً عمدته بدماء مئات الشهداء في سبيل الحرية والانعتاق ورفض حكم الكهنوت الإمامي سابقاً، أو بصورته الحالية المتمثلة في الحوثيين.

القصيدة كاملة:

يقول ابو حمده بديت روس النايفات
                                                                                   من حيث جدي حل خير اوطانها
معا بني عمي قصارات العجيل مشحنات
                                                                                 زين المجاري ذي غلو في اثمانها
سرحتنا لي سوق مارب يطلبون الواجبات
                                                                                      سوق الدول الله يهد اركا نها
اقلامهم فينا دوايا يرقمون المحبطات
                                                                                         ما ير فعونها قالبين امانها
يالله على مارب قنابل من بطون منحسات
                                                                                 تصبح تلاوح في السماء جنحا نها
وبا فلا هدوه راحن في السماء متجاريات
                                                                                           وكل ديرة دولوها اهلانها
ومن مصر شدوهن وجنك بالسبار محملات
                                                                                   وراحن لديرة مبعد ات اوطانها
وهلهلن قصور قد هي بالعماير ماكنات
                                                                                       بيض وسود مشكلات الوا نها
وجنك على دار السعودي رايحات مشرقات
                                                                                 ومعهن عويلة يز هدوا ميطا نها
من عقب ذا كلن يفكر في وقوع البينات
                                                                                         الخيل حانت قومت بارسانها
بن معيلي شد لا رمله بنتها المذريات
                                                                                   نفسه تعايا من هموم اشجا نها
خلا بلاده والحصون الي غلقهن حاكمات
                                                                                            واقفا بلانظى متعبه حيرا نها
قم يا معنا شدلك حايل خيار الكوميات
                                                                                      يحذر عليها السوف من بدا نها
واسرح من الجثوة في غداري مظلمات
                                                                                              قبل المنادي يلتهم لذانها
تلفي علي جنب القراقر ياحزام الموجفات
                                                                                              فلا المطايا طرحت ردفانها
قله سبا وادينا قبل الجدود السابقات
                                                                               حن من هل السرحه نهار اشوانها
نهار ظل اعرار يطعن والسيوف مفتقات
                                                                                     وراكب على سرجه ولف اعنانها
في سرحت الحزمة تعالج خيلهم مثل الحدات
                                                                                       واهل الرماحة عيوجو عيدانها
ظياغمه شدو على جرد المهار المرسنات
                                                                                       ركبو وهم متجلليين اكفا نها
جاهم عمير اقبل بربعه فوق شقر محجلات
                                                                                         كنهن هجيج الرمد زين الوانها
قولوا لناجي بن حسن هذي العلوم الواقعات
                                                                                          خبرت لك من قوم زل ازما نها
شارك الموضوع
المحرر الثقافي - مأرب 360

المحرر الثقافي - مأرب 360

تابعونا على شبكات التواصل