يعد معبد أوام هو الأهم بين المعابد السبئية، وهو معبد المعبود القمر “المقه”، معبود سبأ القومي.
ويعد هذا المعبد معبد الدولة الرئيسي، وقبلة السبئيين للحج، ويقع معبد أوام جنوبي مدينة مارب، ويبعد عنها نحو 5,5 كم.
وبدأ الحفر فيه جزئياً في بداية الخمسينات من القرن الماضي، من قبل المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان.، ثم عاودت الحفر في العام 1998 واستمرت قرابة 9 سنوات في عملية التنقيب.
ويتشكل المعبد من المبنى البيضاوي الذي يحيط به سور يبلغ طوله نحو 282 متراً، و عرضه 3.5 أمتار، ويقدر ارتفاعه ب ١5 متراً وبهو أعمدة.
ويحتوي بهو الأعمدة الذي كان يشكل مدخل المعبد؛ على 32 عموداً ترفع سقف أروقة البهو. وكانت جدرانه الداخلية مزينة ب 64 شباكاً أصماً ولوحات فنية من الألباستر والبرونز تحوي نقوشاً ومنحوتات بارزة.
وأما ملحقات المعبد الكثيرة، فلم يكشف إلا عن القليل منها؛ بالإضافة إلى مدخل تلاصقه قاعة استقبال في الجهة الشمالية هناك المقبرة في الجهة الجنوبية.
وكان الدخول من المنطقة الشمالية يتم عبر بوابات كُشف عن بعضها وأهمها بوابة علهان نهفان، أما داخل السور الدائري فقد تم الحفر في أجزاء بسيطة عند المدخل؛ أظهرت مبان عدة بينها أدراج تربط قاعة البهو بالمبنى البيضاوي.
وتذكر النقوش أن هناك بئراً في وسط المبنى البيضاوي، وتجدر الإشارة للبوابة الغربية في السور الدائري، التي كانت – على ما يبدو – مخصصة للكهنة.
وقد بني المعبد على مراحل تاريخية مختلفة، وقد كُشفت نقوش جدارية تغطي أكثر من نصف محيط السور، في المنطقة الشمالية والغربية وبعض أجزاء المنطقة الشرفية.
وتُؤرخ هذه النقوش لبناء هذه الأجزاء من المعبد في القرن السابع قبل الميلاد، حيث يذكر المكرب يدع إيل ذريح (نحو 670 ق.م) بأنه قد سور أوام بيت المقه، وحتى القرن الأول الميلادي، وقد قام بهذه النشاطات المعمارية حكام الدولة وموظفوها وكهنة المعبد.
وتعد النقوش من أهم ما عثر عليه في هذا المعبد، فقد كُشف عن مئات منها وهي تشكل المصدر الأساسي لدراسة التاريخ السياسي والديني والاقتصادي لجنوب الجزيرة العربية في القرون الاولى.
وقد كدست النقوش، وهي تشكل في معظمها قواعد للتماثيل المهداة للمعبود المقه، في كافة أنحاء المعبد، وخاصة بهو المعبد.
وقد كشفت الحفريات الحديثة للمؤسسة الأمريكية في هذا المعيد عن نحو 500 نقشا، منها نحو 400 نقش جديدـ وهى في معظمها نذرية، والأخرى أعيد اكتشافها وهي من حفريات الخمسينات من القرن الماضي.
وتّذكر مدينة مارب مرات عدة في النقوش المكتشفة حديثاً، ومن بين هذه النقوش نقش يتحدث عن طريق للاحتفالات يربط ما بين مدينة مارب ومعيد أوام، ويسمى “م س ب أ/ أوم”، أو طريق أوام.
ويحدد هذا النقش الطريق بأنه يمتد ما بين حرونم وأوام، أي ما بين معبد حرونم الواقع في داخل مدينة مارب (بنى فوقه المسجد المعروف بمسجد سليمان بالقرب من مدينة مأرب القديم)، ومعبد أوام خارج المدينة.
ويحرم هذا النص القانوني الاعتداء على زوار أو حجاج معبد أوام، الذين يسيرون في هذا الطريق أو يقومون بطقوس دينية خاصة، كالسعي بين المعبدين.
ويبدو أن “مسبأ أوام” كان شارعا للاحتفالات الدينية والمدنية، وكانت تُنظم فيه المواكب الدينية والملكية، وقد كان هذا الشارع بالتأكيد هو الطريق الملكي الذي كان يسلكه الملوك أثناء زيارتهم لمعبد أوام.
ويتحدث أحد النقوش المعروفة عن موكب مهيب قام به شعب سبأ وسبأ كهلان وبنات مارب؛ إلى معبد أوام لإقامة صلاة للاستسقاء، وقد سلك هذا الموكب بالتأكيد “مسبأ أوام”.
- المقال منقول بتصرف من دراسة للباحث في التاريخ “محمد مرقطن”، بعنوان “العاصمة السبئية مأرب – تاريخها وبنيتها الإدارية والاجتماعية في ضوء النقوش السبئية”، سمح الكاتب بنشرها في الموقع وبعث نسخة منها لرئيس التحرير